تمر الأصابع
- محسن الرملي
- 26 déc. 2017
- 2 min de lecture
محسن الرملي، كاتب عراقي، من مواليد 1967، يعيش في اسبانيا منذ 1995. كتب خلال مشواره الأدبي المتواصل لليوم عدة روايات باللغتين الإسبانية، والعربية، قصص مسرحيات، ودواوين شعرية كما ترجم عدة أعمال من اللغة الإسبانية إلى العربية، كما ترجمت أعماله لعدة لغات أجنبية من بينها الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، الفنلندية، الكردية، وغيرها.

رواية تمر الأصابع صادرة عام 2008 باللغة الاسبانية، وسنة 2009 باللغة العربية، وترشحت للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية لسنة 2010. استطاع الرملي، في رواية لم تتعدى 180 صفحة أن يقبض على أنفاس القارئ منذ الأسطر الأولى للرواية: "ما كنت لأكتب قصة أهلي وأفضحهم، لولا تشجيع أبي لي وهو يحلق شعر رأسي في مرقصه المدريدي، قائلا: أكتب ما تشاء فلن يحدث أسوأ مما حدث..." هكذا استهل روايته ليجعل أحد الأحداث الأساسية تظهر في بداية الأسطر، وهكذا استمر في أغلب أسطر الرواية، يعطي عنوانا للحدث وتشعر أنه أحرقه لكن يعود ويشوقك لتطرح السؤال كيف ومتى حدث ذلك..
تدور أحداث الرواية في مكانين مختلفين، اسبانيا وذلك قبل العدوان الأمريكي على العراق، وفي العراق قبل وأثناء الحرب العراقية-الايرانية. سليم وهو الشاب الراوي، هرب من العراق، إلى إسبانيا، تاركا خلفه قرية مسقية بدماء أبناءها المساقين للحرب غصبا عنهم. يروي لنا سليم في العراق قصة تأسيس قرية عائلته تحت يد جده الحاكم الملا مطلق، تأسست بحرب وسقطت بأخرى، ثم يروي في اسبانيا قصة لقائه مع أبيه الذي لم يعد يشبه أباه...
تحمل الرواية الكثير من الرمزية، تلك القرية في الحقيقة ماهي إلا صورة مصغرة عن أوطان تقودها سلطة واحدة، هي الجد، والأب الذي يمثل الشعب الراغب في التمرد، لكن يسيطر عليه الخوف، والابن سليم، يمثل أي شاب يعرف أنه مهما حمل الحجارة ليوقف طوفان نوح لن يغير شيئا، فيركب السفينة ويهرب. الجد مجددا يمثل الفكر التقليدي والقسوة، والابن يمثل الحداثة والجرأة، بينما الأب هو ما بينهما من تناقض.
استطاع الرملي أن يرسم شخصياته بريشة مبدع، خصوصا الأب، بل وحتى تلك الشخصيات التي لم تظهر إلا في فصل واحد. تمر الأصابع، رواية عن الوطن، الحب، الحرب، الشهوة، والغواية، تغطس في تمرها بكلك وليس فقط بأصابعك... تكتشف فيها الهوة الواقعة بين مجتمعات الشرق والغرب، تباعد الضفتين اللامنتهي بين الأمس واليوم، والصراع الأبدي بين العفو والانتقام.
تمر الأصابع هي تلك الرواية التي يختلف فيها الأمر كثيرا، إن قرأت آخر سطر منها أو لم تفعل، لأن نهايتها لا تبدأ في الفصل الأخير، الرملي هنا يقودك لنهاية متوقعة في الصفحات الأخيرة ثم يقلب عليك الأمر فجأة قي آخر سطر ليتركك فاغر الفم مدهوشا.
Comments